القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
109671 مشاهدة
الإيمان بالغيب من صفات المتقين

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وصف الله تعالى المتقين بالإيمان بالغيب، قال الله تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ هذا أول صفة الذين يؤمنون بالغيب، والغيب كل ما أخبر به مما هو غائب غير مشاهد، وإذا كان المُخبِر به ممن يجب تصديقه، فإن المُخبَر يجزم بصحة ذلك الخبر ويتحقق صحته، وبذلك تظهر عليه آثار ذلك الإيمان، وقد دخل في الإيمان بالغيب أركان الإيمان الستة فإنها كلها إيمان بالغيب، فإن الإيمان بالله تعالى إيمان بوجوده، وإيمان بما أخبر عن نفسه من الأسماء والصفات، وإيمان بأفعاله وبعقوباته، وما أحل به أحله بمن عصاه، وإيمان بوعده ووعيده وإيمان بثوابه وعقابه، كل ذلك داخل في الإيمان بالغيب.

كذلك من الإيمان بالغيب الإيمان بملائكة الله وذلك لأنه أخبر عنهم ونحن ما رأيناهم، فوصفوا في القرآن ووصفوا في الأحاديث بصفات قد يستغربها الذي يسمعها، ولكن إذا تحقق أن الذي أخبر بها هو الله تعالى ورسوله الصادق الأمين صدّق بذلك، وإن لم يدركه العقل وإن استبعد ذلك من استبعده. فهذا من حقيقة الإيمان، وقد حدث قوم لا يصدقون إلا بما يدركونه بحواسهم وكل ما لم يروه فإنهم لا يصدقون بوجوده أو لم يسمعوه أو لم يمسوه.